بقلم نونا المصري
المحتويات
والداه على صوت بكائه وهرعت مريم نحوه واخذته في حظنها قائلة ششش... متخفش يا حبيبي... ماما هنا .
ولكن ادهم الصغير لم يتوقف عن البكاء فجلس والده بجانبه على السرير ولكنه لم يعرف كيف يتصرف فأدركت مريم ذلك لذا قالت لابنها بص مين هنا يا ادهم... لو هتفضل ټعيط كدا بابا هيزعل منك اوي وهيرجع يسافر ومش هيقعد معاك ابدا .
قال ذلك واقترب منه ثم عانق ذراعه بقوة وهو يبتسم اما ادهم فأستغرب لان ابنه تعرف عليه فنظر إلى مريم التي تنهدت وقالت متستغربش...انا كنت بكلمه عنك كل يوم وكمان هو شاف صورتك وحفظها كويس وعارف انك بباه.
يا حبيبي... انا رجعت من السفر ومش هسيبك بعد كدا ابدا.
ذرفت مريم الدموع بدورها وهي تنظر اليهما لذا اشاحت بنظرها بعيدا ومسحت وجنتيها ثم عادت لتراقب لم شمل الاب والابن وهي تبتسم اما ادهم الصغير
لم يستطيع ادهم ان يجيبه بل امسك بيده الصغيرة وقبلها ثم أومأ له برأسه دليلا على نعم فأتسعت ابتسامة الطفل ورفع يده الصغيرة الناعمة ثم مسح دموع والده وقال طب انت ليه بټعيط دلوقتي خالو خالد قال ان الرجالة ما ينفعش يعيطوا ابدا والا مش هيبقوا رجاله.
اما مريم فعادت واحتضنت ابنها بقوة واخذت تبكي بصمت عندما رأته بخير فاقترب ادهم منها ثم مسح دمعتها بلطف وبعدها نهض قائلا هروح انادي الدكتور.
أومأت له برأسها ثم قبلت رأس ابنها الذي كان سعيدا بعودة والده فامسك يده وسأله انت رايح فين يا بابا
ابتسم مريم ابتسامة دافئة وهي تمسح على شعر ابنها بحنان وقالت ايوا يا حبيبي .
قالت ذلك ثم شردت بفكرها وغمغمت الظاهر ان بباك قرر يفضل معانا على طول المرة دي بجد ومش هيسيبك ابدا.
فابتسمت مريم وقالت متخفش يا روحي.. هي مش هتوجعك ابدا .
لكنه ډفن رأسه في حضنها واعترض قائلا لأ مش عايز.... ارجوكي بلاش الحقنة.
فنظرت مريم الى ادهم واشارت له لكي يتصرف فنظر إلى الطبيب وطلب منه ان ينتظر قليلا ثم توجه نحو ابنه وجلس بجانبه على السرير وامسك بيده قائلا متخفش يا حبيبي... انا وماما هنفضل جنبك ومش هنخليك تحس بالۏجع ابدا.
فنظر الطفل إلى والده وسأل وهو يلوي فمه بطريقة لطيفة بجد مش هتوجعني
ابتسم ادهم ووضع يده على خد ابنه قائلا ايوا...بص انا هعلمك طريقة مش هتخليك تحس بالۏجع ابدا تمام ....انت هتمسك ايدي دلوقتي وايد ماما كمان وهتغمض عينيك وتعد للعشره وبكدا مش هتحس بالۏجع ابدا.
فابتسم الصغير وقال تمام.
فنظرت مريم الى ادهم الكبير بتعجب لانها كانت تعاني الأمرين عندما يتعلق الامر بأعطاء ابنها حقنة حيث كان يرفض ذلك بشدة كلما مرض ولكن بمجرد ان والده قد اخبره بخدعة سخيفة جعلته يتحلى بالشجاعة وقبل ان يخوض ذلك التحدي المرعب بالنسبة لطفل في مثل سنه... فقالت هايل..اديك طلعت أب شاطر وبتعرف تتعامل مع العيال كويس...جايز عندك ولاد غير ادهم علشان كدا تعرف ازاي تتعامل معاهم.
فنظر ادهم اليها وقد لمس شيء من السخرية في كلامها ولكنه لم ينزعج ابدا بل ابتسم بخبث وقال بهدوء مع الاسف انا متجوزتش في حياتي كلها غير مره وحده وكمان ملمستش غير ست وحده واللي هي انتي...يبقى اكيد معنديش ولاد غير ادهم علشان كدا اطمني .
في تلك اللحظة تمنت مريم لو ان الارض تنشق وتبتلعها فهو قد وجه لها ضړبة مباشرة جعلت الډم ېحرق وجنتيها من
شدة الخجل فاخذت ترمش كثيرا واشاحت بنظرها عنه بسرعة الامر الذي جعله يدرك انها شعرت بالخجل لذا ابتسم ابتسامة صفراء ونظر إلى الطبيب والممرضة ثم تحدث معهما باللغة الإنجليزية لكي يباشرا عملهما في فحص ابنه فاقترب الطبيب وهو يبتسم ثم تحدث بالانجليزية قائلا يا لكم من عائلة لطيفة.
وابتسمت الممرضة وقالت ان الطفل يشبه اباه كثيرا ...اقصد انه ورث نفس الوسامة كما ان لون العينين نفسه.
قالت ذلك واخذت تنظر إلى ادهم بنظرات اعجاب واضحة الامر الذي ازعج مريم كثيرا ولكنها حاولت ان تخفي انزعاجها بينما ابتسم ادهم قائلا هل الشبه بيننا واضح لهذه الدرجة
قال ذلك ونظر الى مريم وكأنه كان يحاول ان يجاكرها لان ابنهما يشببه هو وليس هي فأبتسمت الممرضة وقالت بغنج طبعا... انكما متشابهين للغاية وانا متأكد من
ان الصغير سيصبح رجلا وسيما ومفتول العضلات عندما يكبر مثلك تماما.
أتسعت ابتسامة النصر على وجه ادهم الذي قال انا اعتقد انه يشبه امه اكثر.
فقالت الممرضة لا ابدا... قد تكون بشرته نفس لون بشړة امه ولكنه يشبهك انت .
قالت جملتها الاخيرة بنبرة صوت مغرية جعلت مريم تنزعج اكثر لذا نظفت حلقها وقالت بنبرة جافة من فضلك باشري بعملك ان ابني يتألم ولا وقت لمثل هذا الكلام الان.
فقال الطبيب حسنا... لا تقلقي يا سيدتي سوف نعطيه حقنة لتخفيف الألم .
اما ادهم فكتم ضحكته وهو يدرك ان موضوع الشبه
بينه وبين ابنه قد ازعج مريم التي رمقته بنظرة ذات مغزى وكأنها تعنفه لان الممرضة كانت تغازله فرفع حاجبه وتنحنح ثم اقترب من ابنه وجلس بجانبه وابتسم قائلا متخفش.
وبالفعل تمكن الطبيب من اعطاء ادهم الصغير حقنة مسكنة للآلام فابتسمت مريم وقبلت جبين ابنها قائلة شاطر يا بطل... انا مبسوطة منك اوي لانك معيطش النهاردة.
فابتسم الطفل وقال انا مخفتش ابدا لانك انتي وبابا كنتوا جنبي.
ابتسم ادهم بدوره ثم عبث بشعر ابنه وقال قولتلك ان الحقنة مش هتوجعك ابدا ومن هنا ورايح مش هسيبك تاخد اي حقنه من غير مكنش جنبك .
ادهم الصغير دا وعد
ادهم وعد يا حبيبي .
قال ذلك ثم نظر إلى الطبيب وسأله اخبرني ايها الطبيب... كيف حال ابني
فابتسم الطبيب وقال حمدا لله ان الاصاپة كانت بعيدة عن عضلات فخذه والا لكانت ستسبب له اعاقة في قدمه .
فقالت مريم اذا هو بخير الان اليس كذلك
الطبيب لا نستطيع الجزم في هذا الامر حتى يشفى الطفل لذا يجب ان يبقى في المشفى لعدة ايام لكي نراقبه جيدا.
ادهم وكم من الوقت سيتطلب علاجه
الطبيب يمكنكم اخراجه بعد ثلاثة ايام فحالته مستقرة ولكنه بحاجة للعلاج الفيزيائي حتى يتمكن من السير بشكل أفضل لذا سأحدد لكم موعدا مع الاخصائي.
ادهم نحن سنعود الى موطننا في اقرب فرصة وسنجعله يتلقى العلاج الفيزيائي هناك لذا لا داعي بان تحديد موعد .
فنظرت مريم الى ادهم وقالت مينفعش نفضل هنا لغاية ما ادهم يخف على الاقل نسيبه يستريح شوية وبعد كده نسفره.
فنظر إليها وقال بنبرة حاسمة لأ احنا هنقعد هنا اسبوع واحد بس علشان اجهز لكوا اوراق السفر وبعدها هننزل مصر.
مريم بس احنا ممكن....
قاطعها ادهم بقوله مش عايز اسمع اي مناقشه في الموضوع دا.. احنا هنقعد هنا اسبوع واحد وبعدها هنرجع مصر ودا قرار نهائي.
تأفأفت مريم بضيق ولم تعلق بشيء لانها كانت تدرك بأن لا طائل من المجادلة مع حبيبها العنيد والذي ان عزم على امر سينفذه بكل تأكيد... لذا فضلت الجلوس بصمت بجانب صغيرها واخذت تنظف له انفه بمنديل ورقي بينما رفع ادهم رأسه بكل شموخ وغرور لانه تمكن من فرض سيطرته عليها وجعلها تمتثل لأوامره كما في الماضي اما الممرضة الاجنبية فكانت وقحة جدا وسمحت لنفسها بأن تتعمق في مغازلته حيث قالت يبدو ان شخصيتك قوية جدا يا سيدي... لقد لاحظت انك المسيطر في هذه العلاقة اكثر من السيدة .
فضحك ادهم ونظر إلى مريم التي كانت على وشك الانفجار من شدة الڠضب وقال لطالما كنت انا المسيطر في كل شيء... حتى في قرار زواجنا ومن الان فصاعدا لن اتخلى عن عائلتي ابدا .
فاحنت مريم رأسها وادعت عدم الاهتمام به اما الممرضة فشعرت بأنه وضع لها حدا بكلامه فابتسمت بخيبة أمل ثم قالت ارجو لكم التوفيق.
قالت ذلك وبعدها خرجت من الغرفة وبقيت العائلة الصغيرة لوحدها فكانت مريم تمسح على شعر ابنها الذي غفى بسرعة بعد ان اخذ الحقنة وكانت تبدو منزعجة بينما وقف ادهم يراقبها وهو يلوي شاربيه بطريقة مغرية فابتسم بخبث وسألها هو انتي غرتي ولا ايه
رفعت رأسها ببطء ونظرت اليه بطرف عينها ولكنها لم تقل اي شيء لمدة خمس ثواني وبعدها تنهدت وقالت وهغير من ايه اساسا مفيش حد يستاهل اني اغير عليه.
رفع ادهم حاجبه واراد ان يقول شيئا ولكن صوت قرع الباب اسكته فالټفت وقال
تفضل .
ففتح الباب ودخل كل من خالد وكمال
ومعهما الهام التي ركضت نحو مريم بسرعة وعانقتها قائلة ازيك يا حبيبتي
فابتسمت مريم وقالت الحمد لله.
اما ادهم فتغيرت ملامح وجهه إلى الانزعاج عندما رأى خالد الذي سأل ايه الاخبار يا مريم
مريم كلها تمام والحمد لله...من شوية الدكتور كان هنا وقال ان حالة ادهم الصغير مستقرة وقال اننا نقدر نخرجه من المستشفى بعد تلات أيام.
ابتسم خالد وغمغم طب الحمد الله.
اما كمال فقال حمد لله على سلامته يا مريم.
مريم الله يسلمك يا استاذ كمال.
فنظر ادهم الى كمال وقال
كمال... انا عايز اكلمك برا .
أومأ كمال برأسه واردف اوك .
ثم خرجا من الغرفة وسأله ايه اللي بيحصل يا ادهم امبارح مقدرتش اسألك لان الوضع مكنش بيسمح بس مقدرتش انام طول الليل وانا بفكر في الحكاية دي...هو انت اتجوزت مريم بجد !
فتنهد ادهم وقال ايوا... وابنها يبقى ابني.
كمال طيب ليه محدش يعرف حاجة
متابعة القراءة